بلغت المملكة أوج ازدهارها في عهد الملك أريتاس الرابع (9 ق.م - 40 م). شهد عصره نهضة عمرانية وتجارية، وشيّد فيه أبرز معالم البتراء: الخزنة والمسرح. استحدث الأنباط شبكة ري تتألف من قنوات وسدود محفورة في الصخر لحجز المياه، فأمّنوا الماء في بيئة صحراوية قاسية، فاستقروا ونموا.
تكشف العمارة النبطية عن مزيج من الفنون الشرقية واليونانية. نحتوا بيوتهم ومعابدهم في الصخر مباشرة، كما في الخزنة والسيق والقبر المجلل. شيّدوا معابد ومسرحًا رومانيًا، وخطّطوا مدينتهم بأساليب متقدمة، في دليل على مهارتهم الهندسية.
حكموا بمزيج من سلطة الملك واستشارة مجلس شيوخ. من أبرز ملوكهم: أريتاس الأول مؤسس الدولة، أريتاس الثالث الذي وسّع الأراضي، ورابيل الثاني آخر ملوكهم قبل أن تبتلع روما المملكة عام 106 م.
واجه الإسكندر الأكبر مقاومة عنيفة. استخدم الأنباط صخور البتراء ودهاليزها كحصن طبيعي، فعجز الإسكندر عن دخول المدينة. أظهرت المعركة براعتهم في تحويل الصحراء إلى درع حماية.
بعد الضم الروماني وتغيّر طرق التجارة، تراجعت المملكة، لكن إرثها بقي حيًّا. أعاد أوروبي القرن التاسع عشر اكتشاف البتراء، وسجلتها اليونسكو ضمن التراث العالمي عام 1985، ثم أدرجتها قائمة عجائب الدنيا السبع عام 2007، فبقيت شاهدة على تحويل الأنباط للصحراء إلى مركز حضاري نابض.
إسلام المنشاوي
· 22/10/2025