فن الجلوس المفقود: رحلة إلى ما وراء الدنيوية

ADVERTISEMENT

في عالم يتحرك بسرعة رقمية، تراجع فن الجلوس من ممارسة واعية إلى عادة مهملة. ننحني فوق الشاشات ونغفل أهمية الوضعية الجسدية وتأثيرها على الراحة والصحة النفسية. الجلوس ليس حركة جسدية فقط، بل انعكاس للعقل والثقافة والرفاهية.

تغيّر معنى الجلوس عبر العصور. في المجتمعات البدائية، كان الجلوس وسيلة للراحة والتواصل، على الأرض أو الصخور. مع تقدم الحضارات، أصبحت المقاعد رموزًا للمكانة، مثل العروش المزخرفة التي جلس عليها الحكام لإظهار سلطتهم.

احتفظت ثقافات مثل اليابانية والهندية بعادات جلوس تقليدية مثل التاتامي والسوكاسانا، تعزز الشعور بالمجتمع والبساطة. في العصور الوسطى وعصر النهضة، تنوعت صناعة المقاعد وزادت راحتها، حتى ظهرت مفاهيم بيئة العمل في عصر التنوير، وشجّعت على تصميم أثاث يحمي صحة الإنسان.

ADVERTISEMENT

قراءة مقترحة

غيّرت الثورة الصناعية مفهوم الكراسي، إذ وفّر الإنتاج الضخم مقاعد لمعظم الناس، وتطور التصميم في القرن العشرين مع دخول مفاهيم الراحة والجمال، فظهر كرسي إيمز والكراسي البلاستيكية وابتكارات أخرى.

في العصر الرقمي، أصبح الجلوس نشاطًا يوميًا مستمرًا. يجلس الإنسان ساعات طويلة أمام الشاشات دون انتباه، فنشأ نمط حياة خامل جسديًا. هنا تبرز أهمية الجلوس الذهني، الذي يدعو إلى حضور واعٍ عبر وضعية سليمة، وصمت مقصود، ومعرفة الغرض من الجلوس.

نعيد هذا الفن بتطبيق مبادئ بيئة العمل، وتخصيص وقت للراحة بعيدًا عن الشاشات، وممارسة التأمل أو الجلوس في الطبيعة. ننشئ طقوسًا بسيطة مثل تخصيص كرسي للتأمل أو التعبير عن الامتنان أثناء الجلوس، لنمنح التجربة اليومية قيمة روحية.

ADVERTISEMENT

الجلوس الواعي يوازن بين الجسد والعقل في بيئة تسيطر عليها التقنيات. إعادة اكتشاف فن الجلوس تعيد إلينا رابطًا مفقودًا مع الذات والطبيعة واللحظة الحاضرة.

    toTop