يزداد عدد الرجال الذين يصبحون آباء بعد الخمسين بسبب تأخر الزواج أو إعادته، وانشغالهم بالعمل، وتوفر وسائل طبية تساعد على الإنجاب. لهذا التأخر تأثيرات متباينة على الأب والطفل والمجتمع.
صحيًا، يجد الأب نفسه أقل نشاطًا من الشباب، فيشعر بالتعب أثناء اللعب أو حمل الطفل. يمنحه عمره هدوءًا وقدرة على التحكم في أعصابه، لكنه يخشى أن يمرض أو يموت قبل أن يكبر ابنه، كما ترتفع احتمالية إصابة الجنين بتشوهات وراثية أو أن يولد ناقص الوزن أو قبل أوانه.
نفسيًا، يمنح الأب خبرته الحياتية الطفل دفءً وثباتًا، لكنه في الوقت نفسه يبكي في سره وهو يتخيل أنه لن يحضر تخرج ابنه أو زفافه. يشعر الطفل بهذا الخوف فيكتشف مبكرًا معنى المرض والشيخوخة فيعيش قلقًا دائمًا من فقدان والده.
قراءة مقترحة
اجتماعيًا، تتشابك العلاقات حين يكون للأب أبناء كبار من زوجة سابقة، وتكون أعمارهم قريبة من أعمار أحفاده، فيتحول البيت إلى شبكة من الخطوط المتقاطعة. بدأ الناس يتقبلون هذا الوضع، فلم يعد تأخر الإنجاب عيبًا كما كان في السابق.
اقتصاديًا، يكون الأب قد جمع مالًا يكفي ليدفع تكاليف المدرسة والطبيب، لكنه يصدم حين يجد أن تكاليف التربية تلتهم ما ادخره للشيخوخة، فيضطر الابن وهو في العشرينيات أن يعمل ليسدد فواتير والده المريض.
على مستوى المجتمع، يؤدي تأخر الإنجاب إلى تراجع عدد المواليد، فتكبر نسبة كبار السكان، وتضطر الدولة لإنشاء دور رعاية لمساعدة آباء تجاوزوا الستين على تربية أطفال في عمر الدراسة.
ختامًا، يمنح التأخر في الإنجاب الطفل أبًا هادئًا وواعيًا، لكنه يجعله يواجه منذ صغره سؤال المرض والموت، ويحمله في شبابه مسؤولية رجل كبر قبل أن يكبر، لذا يحتاج الأمر مجتمعًا يفهم هذه الأسر ويقف بجانبها.

