مثل الفايكينج والخزر بشكل دقيق، قبل المؤرخين الأوروبيين بقرون.
بدأت رحلة ابن فضلان عام 921 ميلادية بتكليف من الخليفة المقتدر بالله، بعدما طلب منه ملك الصقالبة، ألمش بن شلكي، إرسال مبعوثٍ لتعليم الإسلام وبناء مسجد ومنبر، إضافة إلى طلبه الدعم في بناء حصن لمواجهة تهديدات الخزر. أُرسل ابن فضلان بهدايا ورسالة من الخليفة، لكنه لم يتمكن من إيصال الأموال التي كانت مخصصة لبناء الحصن بسبب تأخرها في الوصول.
انطلق ابن فضلان من بغداد إلى بخارى، آنذاك عاصمة الدولة السامانية، وبقي فيها نحو ثلاثة أشهر في انتظار تسلُّم 4000 أوقية ذهبية، غير أنّها لم تصله، فواصل الرحلة شمالاً نحو بلغار الفولغا، متجنبًا أراضي الخزر لما فيها من خطورة، وسلك طريقًا وعراً عبر القوقاز.
لم تحظَ رسالة ابن فضلان باهتمام العرب في زمنها نظرًا لبعد المنطقة وبرودتها القاسية، وظلت مهملة حتى عثر عليها المستشرقون الأوروبيون لاحقًا، ليظهروا أهمّيتها لما احتوته من معلومات اجتماعية وثقافية فريدة، خاصةً حول الشعوب الأوروبية التي لم توثق تاريخها بنفسها، مثل الفايكينج والخزر.
ابن فضلان لم يورد في رسالته تفاصيل حول عودته إلى بغداد، الأمر الذي دفع البعض إلى الظن بأنه بقي هناك. كما شكك البعض في أصالة بعض فصول الكتاب التي أُضيفت لاحقًا، نظراً لاختلاف أسلوبها واحتوائها على أحداث غير موثقة.
تضمّن الكتاب وصفًا دقيقًا لعادات غير مألوفة ومنها طقوس دفن الفايكينج، كما أنه أشار إلى حيوان غريب لا يعرفه العرب، وصفه بأنه بين الجمل والثور، له قرن واحد يشبه سنان الرمح، مما يعكس دقة ملاحظاته وفرادتها في تلك الحقبة.