ناقش العلماء العلاقة بين حجم الدماغ والذكاء، ويُقال إن الدماغ الأكبر يعني قدرات معرفية أوسع. لكن أبحاثًا حديثة تُظهر أن كفاءة الدماغ الداخلية وتنظيمه العصبي أهم من حجمه. طيور وقردة صغيرة تمتلك أدمغة صغيرة، لكنها تُظهر قدرات عقلية معقدة، ما يُغيّر الفرضيات السابقة حول تطور الذكاء.
كان المقياس التقليدي يعتمد على نسبة حجم الدماغ إلى الجسم، كما في البشر والدلافين. لكن أبحاثًا حديثة توضح أن الكثافة العصبية وتنظيم الشبكات الدماغية هما ما يُحدث الفارق في الأداء المعرفي. أدمغة صغيرة وكفؤة تتفوق أحيانًا على أدمغة أكبر في حل المشكلات.
قراءة مقترحة
الغربان والببغاوات مثال. رغم صغر أدمغتها مقارنة بالثدييات، تمتلك كثافة عالية من الخلايا العصبية، خاصة في مناطق تُكافئ القشرة المخية. هذه الخصائص تسمح لها باستخدام الأدوات وحل الألغاز والتعرف على الوجوه البشرية.
تطوريًا، الأدمغة الصغيرة الكفؤة ميزة؛ إذ تستهلك طاقة أقل، ويحدث التواصل بين الخلايا العصبية أسرع بفضل المسارات القصيرة. هذا يعزز الأداء في بيئات متغيرة وقاسية.
حتى بين الرئيسيات، لا يوجد توافق دائم بين حجم الدماغ ومستوى الذكاء. قردة صغيرة تُجيد مهامًا إدراكية تتفوق فيها على الشمبانزي. الدماغ البشري يُظهر كيفية تكثيف التلافيف لزيادة الكفاءة العصبية دون زيادة الحجم.
دراسة شملت 1682 جمجمة لكلاب من 172 سلالة، كشفت أن حجم الدماغ لا يرتبط دائمًا بالذكاء. الكلاب العاملة مثل الهاسكي تمتلك أدمغة أصغر نسبيًا، لكنها الأكثر أداءً وتعقيدًا. الكلاب المرافقة مثل الشيواوا تميل إلى أدمغة أكبر نسبيًا، لكن أقل تعقيدًا وظيفيًا.
النتائج تدفع نحو فهم أعمق لتطور الدماغ وتحسين تصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي. محاكاة البنية الكفؤة للكائنات قد تؤدي إلى تقنيات أكثر ذكاءً وموفرة للطاقة.
تفتح النتائج آفاقًا جديدة للبحث؛ إذ تُطرح تساؤلات حول البنى التي تمنح الدماغ الصغير كفاءة عالية، ودور البيئة في تطور التعقيد العصبي. الأبحاث المستقبلية تشير إلى ضرورة دراسة هياكل الدماغ في أنواع متعددة لكشف المبادئ التي تحكم الذكاء عبر الأنواع.

