صيدا، التي تقع على الساحل الجنوبي للبنان، تُعد من أقدم المدن المأهولة في العالم، وواحدة من أبرز المدن التاريخية في لبنان. كانت مركزاً للحضارة الفينيقية التي ازدهرت في منطقة البحر المتوسط، وبرزت كمركز للتجارة البحرية والحرف اليدوية مثل صناعة الزجاج والأصباغ الأرجوانية التي دلت على الثراء والنفوذ. ساهم موقعها الاستراتيجي في تحويلها إلى نقطة انطلاق للمستكشفين الفينيقيين ونشر ثقافتهم في العالم القديم.
تتميز صيدا اليوم بعراقتها الثقافية وموقعها التراثي الذي لا يزال ينبض بالحياة، حيث تقف معالمها التاريخية شاهدة على مجدها القديم. من أبرز المعالم قلعة صيدا البحرية، التي تعود للقرن الثالث عشر وتقع على جزيرة صغيرة قبالة الساحل، مربوطة بجسر حجري يربطها بالمدينة، إضافة إلى معبد أشمون والأسواق التقليدية التي تعكس تفاصيل الحياة اليومية.
قراءة مقترحة
تبرز أسواق صيدا التقليدية كمركز للثقافة والحرف اليدوية اللبنانية، حيث ما زال الحرفيون المحليون يمارسون صناعاتهم مثل الفخار، الصابون البلدي، والنسيج. تشكل الأسواق تجربة تراثية مميزة للسياح والمهتمين بالفنون، وتُظهر كيف حافظت المدينة على تراثها الثقافي العريق.
في العصر الحديث، استطاعت صيدا الموازنة بين الحفاظ على إرثها الثقافي والتطور الحضري، فأصبحت مدينة نابضة بالحياة تجمع بين السياحة الثقافية والحياة الاقتصادية النشطة في الجنوب اللبناني. تتميز المدينة ببنيتها التحتية المتطورة ومرافقها الحديثة، ما يجعلها وجهة جذابة للزوار من شتى أنحاء العالم.
صيدا ليست فقط موقعاً أثرياً أو شاهداً على ماضٍ عريق، بل هي مدينة حية تعبر عن روح التعايش بين الماضي والحاضر. إنها مثال حي للحضارة الفينيقية وتأثيرها المستمر، ومقصد مثالي لمحبي التاريخ والفن والثقافة اللبنانية الأصيلة.

